الانسِحَاقُ الأخيرُ أمامَ سطوةِ الأب
.....
لَهُ نفسُ اليدينِ، و نفسُ الرَّائِحَةِ
.....
الموتُ الأخيرُ للأب : غُرُفَاتٌ مُغلَقَةٌ،
و مناحيَ مَسحُورَةٌ
لِمَرةٍ أخيرةٍ أستَسلِمُ طَوَاعِيَةً.
.........
أبٌ، و معشوقُ، و إِلَهٌ أَرضِيٌّ.
نَحرتُ بينَ يَديهِ آخرَ قرابِينِي،
و اغتَسَلتُ بالدِّماءِ لأتطَهرَ.
بَعدَها لَمْ يَعُدْ إلَهَاً.
لَمْ يَعُدْ لَديَّ قَرابينَ،
وَلَمْ أعد وَثَنِيةً.
......
الموتُ الأخيرُ للأب.
الأبُ / الوهمُ كَادَ يَتسلَّلُ ليغتصبَ رُوحِي، ليفرضَ سطوَتَهُ على أنحاءِ جَسدِي
كادَ يزرَعُ بِي بُذُورَ خُلُودِهِ و أوهَامَ ألُوهِيَّتِهِ.
طيفٌ مُهيمِنٌ لذِكْرَى أبَدِيَّةٍ: ميلادُ الْخُلُودْ
......
الأبُ مَارِدٌ بَاسِطٌ ردَائَهُ. يخرجُ من تحتِهِ الصِّغارُ
يستمِرُّ كَمَارِدٍ، و ينسَحِقُ الصِّغار
.....
امرأةٌ أنا...... مبتَغَى
صانعةُ الصِّغَار
......
لماذا هَربتُ ؟
لَن يَستَطيعَ أن يَختَرِقَ رُوحي، و يَتسَلَّلَ لإرادَتي،
و يَحكُمَ خيوطَ أقدَارِي .
وداعاً، و محبةً، للأب...... وَداعَاً.
لَم تَعُدْ تَملِكُ شيئاً مِن طُفُولَتِي، و حَاضِري، و أيامي الآتية.
لَمْ تعُدْ هَنالِكَ أركَانٌ مُظلِمَةٌ من النفسِ تعبثُ فيها، ولا أعناقَ خَاضِعَةً.
ولا عَبثياتٌ مُعاصِرَةٌ تَلعبُ فيها دورَ الملكِ تاراً، و المهرجِ تارةً أخرى.
لَقد ذَهبتْ عَنكَ كُلُّ الهالاتِ السِّحريةِ التى تراكمتْ منذُ طُفولَتِي.
........
كَمْ مَرَّةً يَتحتَّمُ عَليَّ قَتلَكَ لترحَل؟
شبحٌ أنتَ – بالأمسِ قَدَّمتُ آخرَ قرابيني، و سَلَّطتُ عليكَ الضوءَ لِتَمُوتَ.
ألَم يكن أجدَى أن تأخُذَنِي بيدِكَ لتعبرَ بي النهرَ، ثُمَّ تُلقِي عَليَّ نظرةً حَانيةً،
و ترحلُ في سَلامْ
وَ تبقَى طيفُ عَطفٍ و رَحمَةٍ يُظَلِّلُنِي كَغَيامْ
لماذا صِرتَ شَبَحَاً تُعربِدُ فِي حَياتِي، وَ تُسَمِّمُ خَيالي، و يتحتَّمُ عَليَّ قَتلَكَ مراتٍ عَديدةً لِتَمُوتَ؟ لماذا؟
..............
و دَاعاً لكُلِّ الآباءِ الميتينَ، و أطيَافَهُمْ فِي الطُّرقَاتْ.
لَعَلَّكُم لا تُدرِكُونَ فَداحةَ مَا فَعلتُمْ.
لَم تَترُكُونِي أَنَا وَحدِي،
بَلْ تَركتُم كُلَّ الصِّغَارِ، و الفتياتِ، و الآباءِ المستقبليينَ.
لَقد تَركتُونَا بِلا أَبٍ، بِلا رَبٍّ.
و صِرتُمْ كَأردِيةٍ مُمَزَّقَةٍ،
صِرتُمْ كَرُسُلٍ بِلا رِسَالَةٍ،
كَمَعَابِدَ بِلا آلِهَةٍ.